يوجد الكثير من الموهوبين . . وكلهم يسأل نفسه ومن حوله : كيف أصبح صحفياً ؟
أيها المتسائل أينما كنت .. لن أقول لك هناك دورات صحفية تقام في ذاك المكان ، فقد تعيقك المسافة، ولن أقول لك أن في الجامعة قسم للإعلام فقد تعيقك شروط القبول..(كما أن للغبار دوره في اختناق الهواء الجامعي )، كما أنني لن أنصحك باقتحام الصحافة عشوائياً ، لذلك سأحاول الإجابة على تساؤلك بما يتوفر لدي من إجابات هي حصيلة ما جمعته خلال تجارب ومراحل متعددة :
ما أصعب الحصول على عمل صحفي
أن تعمل صحفياً في مكان جيد هي فرصة نادرة الحدوث ، تحتاج لكثير من الإصرار والجهد المتواصل وقليل من الحظ ، هذا الحظ لن يأتيك صدفةً بل يستلزم منك أن تعمل وتتحرك في كل اتجاه لكي تحصل عليه … من السهل أن تجد وظيفة ، أي وظيفة حتى في الصحافة ، لكن أن تكون صوتاً لامعا .. قادراً على إنتاج الدويّ أينما حل .. هذا سيأخذ منك عمل مضاعف .
ما الذي أحتاجه لأكون صحفياً … وعلى أي شيء أتدرب ؟
الكثير من الناس يتمنّى أن يكون من أهل الصحافة ، لذا هناك من يختار الطريق الأسرع و يلتحق بدورة تدريبية وينفق عليها الأموال والوقت دون أن يحصل ولو على ربع قيمة ما دفع!
هناك من يسلك الطريق الأطول ويلتحق بقسم الإعلام في الجامعة ليتخرج بعد أربع سنوات ويكتشف أنه أفنى عمره في تعلم معلومات وبديهيات ..لاتسمن ولا تغني !
الصحافة فنٌ لا يجدي معه التعليم والتلقين .. فنٌ لا يأتي إلا عن طريق المفاجأة ولذا أنا هنا أدعوك للأضمن والأجدى .. والذي أتمنى أن يغنيك عن كل ما سبق :
-إذا أحسست مبكراً برغبة ملحة في دخول عالم الصحافة .. فلا تؤجل الشعور برغبتك! .. عليك التحرّك مباشرة لأقرب ورقة وقلم وكتابة أي شيء يتراوح في مخيلتك ,, سواء خاطرة إنشائية .. أو تعليق على مشهد تابعته في التلفزيون أو ردة فعل لموقف عابر ، أكتب أي شيء ترى أنه تسجيل وتوثيق لبدايتك , واعرضه على من حولك دون خجل.
- حاول أن تتابع يوميا أكبر قدر من الإعلام ( مجلات, جرائد, برامج إخبارية وتسجيلية , برامج إذاعية ) وركز على تنوع مجالاتها وانتماءاتها الإعلامية .
- انطلق مع هذه المتابعات في كل اتجاه ، حاور وناقش وتساءل واستفسر عن كل ما يشغل فكرك وكل ما ترى أنه يستفز أو يستدرج انتباهك! احذر أن تقول لنفسك " ليس من شأني " كل ما يدور حولك هو شأنٌ خاص بك فاقتحمه بلا استئذان !
- لا شهادات جامعية ولا علاقات قرابة مع صحفي ولا أي شيء يساعدك على أن تتقن فن الصحافة بمهارة إلا التجريب … لذا ابدأ الكتابة عند أول فرصة !
أفضل طريقة لدخول الصحافة
قد تفاجأ إن قلنا لك أن أفضل طريقة للدخول إلى الصحافة هي البريد … فقط عندما تكتب مادة معينة ، وتنقحها وتعيد صياغتها أكثر من مرة وبعد أن تتأكد من أنك وصلت المحاولة الأخيرة في كتابتها أرسلها على عنوان المجلة أو الجريدة المناسبة .. واحرص أن تبعثها لصحفي ( ناجح وتحبه) .. ثم انتظر الرد !
أتقن هذه المهارات مباشرةً
عندما يأتيك الرد الإيجابي على ما بعثت به .. سواءً عند نشر محاولتك الأولى أو في رد مباشر ، حاول أن تلملم أجزاءك .. وتتعامل مع نفسك منذ الآن على أنك كائن حي خلق للصحافة ( وكلٌ ميسر لما خلق له ) بعد ذلك تعلّم هذه المهارات الضرورية لكل مبتدئ :
الصيــاغة
عليك أن تطور لغتك وأسلوب صياغتك بالقراءة والإطلاع الواسع وممارسة الكتابة بشكل دائم ، إلى أن تتخلص تدريجياً مما يواجهك من عيوب سواءً إملائية أو أدبية أو لغوية ونحوية .
وسيلة تواصل
لا تتعامل مع الصحافة دون أن يكون لك عنوان خاص بك ( صندوق بريد ، هاتف وفاكس ، بريد اكتروني ) وهذا ضروري للتواصل معك ومن خلالك .
التصوير
من أساسيات الصحفي المبدع أن يكون ملماً بالتصوير ، يعرف كيف يتعامل مع أي مشهد يمر به ، من أين ينظر إليه وكيف يلتقط له صورة معبرة .. لذلك اذهب إلى أقرب محل لبيع الأجهزة الإلكترونية واشتر كاميرا مناسبة . ولا تحاول الكتابة بعد الآن إلا وترفقها بالصور الكافية .
كوّن علاقاتك
في أي مجال صحفي أنت بحاجة إلى علاقات من نوع خاص ، علاقات مع أسماء ونجوم ومشاهير الوسط الذي تعمل به ومن خلاله ، بل وحتى مع شخصيات عامة قد لا تشكل أسماء ذات أهمية ولكن ترتبط مع ذلك الوسط بعلاقة ما .. كوّن علاقاتك وحافظ عليها قدر استطاعتك ، ولا تأخذك المغريات الصحفية على التفريط بأي علاقة كانت ..
لكن بالتأكيد ليس المقصود بالعلاقات هي العلاقات الضارة مثل علاقة الشرهات .. والرشاوى واللقاءات المدفوعة من تحت لتحت!!
طوّر خبرتك
قد تكون قادراً منذ البداية على العمل في مؤسسة صحفية ، هذا إن حالفك الحظ، إما إن لم توفق فلا تقف مكتوفاً ، حاول أن تراسل أكثر من جهة إعلامية .. ولو لم تجد قبولاً فلا تركن للفشل اعمل أي شيء يتعلق بالصحافة ولو أن تنشر أشيائك على مجلة حائط منزلية !
كن على يقين من أن كل تجربة ستمر بها _ وإن كانت فاشلة _ ستمنحك كمية لا بأس بها من الخبرة وستعمل على تطوير أدواتك فلا تتهاون .
اقرأ واقرأ ثم بعد ذلك اقرأ
كل عمل له علاقة بالفن والفكر هو عرضة للخمود إن لم تؤججه القراءة ، القراءة هي الدافع لمزيد من التوهج ، تأكد انك مهما حاولت أن تستمر بلا قراءة فستحترق وستخمد ولو أشعلت أصابعك العشر ..
القراءة غابة أبدية واسعة متفرعة بالأشجار والأوراق وأنت في كل قراءة جديدة تتحول إلى حطّاب ينتقي ما يكفيه من حطب وما يضمن لاشتعاله أن يدوم.
القراءة أياً كان نوعها ومجالها _ خاصة الكتب _ تعتبر بلا منافس المجال الأرحب لالتقاط الأفكار وتطوير الأسلوب وتجديد اللياقة وتعزيز القدرات وتوفير الطاقة اللازمة للكتابة .
أخيراً .. المقابل المادي
أكثر ما يشغل بالك كإنسان يعيش بداياته الصحفية ويخطو خطواته الأولى باتجاه المجد الصحفي ، هذا السؤال المتكرر: كم المقابل المادي ؟
خاصةً في هذا العصر .. عصر الاحتراف والماديات .. ولهذا سنجيبك بكل صدق وأمانة وصراحة :
لابد أن تؤجل هذا السؤال قليلاً ، على الأقل لثلاثة أو أربعة أشهر من العمل الصحفي المتواصل والمتقن، الأهم والأولى في البداية أن تكون سعيداً مبتهجاً بما تفعل، والمقابل الماد سيأتي ، لكن فيما بعد.!
دع المال يسعى إليك وعندها أطلب ما تريد ، هذه هي ميزة الأعمال الفنية ..
الفن لا يعرف المرتبة الوظيفية ، ولا يعترف بالترقيات والعلاوات السنوية … لأنه ربما أوصلك في سنة واحدة لمبلغ يتجاوز ما يتقاضاه موظف حكومي مجتهد في عشر سنوات ..
أمّـــا كيف ومتى؟
فلا تقلق..
فقط عليك أن تلجأ للتأني والتركيز…!